الخميس، 1 مارس 2012

فى يوم 2 اغسطس عام 1990
استيقظت ذلك اليوم على صوت جرس الباب يرن دون توقف ..فقمت مسرعه الى الباب لافتحه فوجدت جارتى العزيزة تتحدث بسرعه كلاما غير مفهوم دون حتى ان تلقى تحيه الصباح ..تمالكت نفسى وجلست على الكرسى محاوله استيعاب ما تقول او فهمه او للسيطرة على دقات قلبى المتسارعه ..وصوت صراخ طفلتى ينادينى فى ذات الوقت ذهبت لاحملها سريعا وعدت الى جارتى أسألها مامعنى ما تقولين "غزو العراق للكويت " هكذا ما بين طرفه عين وانتباهتها ...اسئله ..اسئله دون جواب ودون تصديق لما يحدث ..جذبتنى جارتى الى الشباك المطل على الشارع لكى اوقن ان ما ذكرته هو الحقيقه ..وعبر الشراع كانت توجد محطه بنزين كبيرة .لم اكن اراها يومها بوضوح من شدة الزحام وكثافه السيارات وطوابير النساء ..وتساءلت ما علاقه البنزين والتهافت عليه بغزو العراق للكويت ..؟فردت على جارتى الغاليه التى اتذكرها دوما بكل خير ..طبعا اهم شىء هو البنزين والا كيف يهربون ..
يهربون هكذا بكل بساطه ..اهل البلد يتركونها ويهربون ..نعم لقد هرب الامير وولى العهد واغلب المسؤولين فروا الى السعوديه والشعب يلحق بهم يهربون برا عبر الطريق البرى الى السعوديه ..توقفت كثيرا حول فكرة الهرب من البلد لمثل هذا السبب وقلت لجارتى ونحن ماذا نفعل..فقالت لى انت مصريه تعودين الى مصر .اما انا فلسطينيه فلن اغادر الكويت سواء اصبحت عراقيه "المحافظه رقم 19 كما يذيع التليفزيون كل دقيقه " او عادت كويتيه مرة اخرى فنحن ههنا قاعدون وربما تحسنت احوالنا مع صدام ..
انا لا اريد ان احكى عن التفاصيل التى عشتها طوال شهر هناك حتى سافرنا الى مصر عبر الطريق البرى من ناحيه العراق والاردن وليس كما فعل الكويتيون عبر الطريق الى السعوديه الذى كان غير آمن وقتها .
جارتى العزيزة لم تتركنى يوما ورفضت ان تذهب لتجاور اهلها حيث يجتمعون كلهم فى بيت واحد ليكونوا اكثر اطمئنانا معا وبقيت معى حتى يوم سفرى كم كنت شديدة التعلق بها وبرغم اننا كنا فى عمر متطابق باليوم والشهر والعام الا اننى كنت اشعر دائما انها امى وليست مجرد جارة او صديقه 
يوم 25 ينايرفى مصر قرأت عن بعض الفنانين الذين غادروا مصر .وكانت امى حزينه ومتأثرة لمشهد المطار المزدحم بالمغادرين لارض مصر من الاخوة العرب .الا اننى كنت دائما اقول لها بل هذا هو الافضل لنا من يترك مصر الحبيبه والوطن لظروف تغيرت اوطرات عليها فلا اهلا ولا سهلا بهم ..
واتعجب ايضا ممن يجاهرون عن رغبتهم فى ترك مصر ومغادرتها لو تحولت الى دوله تطبق الشريعه مثلا .وكل شخص حر فى قراره حقا ولكننى لا اعرف هل من العيب ان اكون شديدة الارتباط بالاماكن والاشخاص حولى .حتى لوكانوا مجرد اشخاص يعبرون اسفل منزلى كل يوم ذهابا الى اعمالهم فمجرد تعودى مشاهدتهم يوميا يجعلنى اصاب بالقلق لو تغيبوا يوما  ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق